نقض الحكم وضمانه عند أبي الوليد الباجي (ت 474هـ) [Judgment Annulment and Liability in the Thought of Abū al-Walīd al-Bājī (d. 474 AH)]
##plugins.themes.bootstrap3.article.main##
الملخص
تتمثل مشكلة هذا البحث في أنه رغم أن مسألة نقض حكم القاضي وضمانه تُعدّ من المسائل الدقيقة في القضاء الإسلامي لما لها من أثر في استقرار الأحكام وصيانة الحقوق، فإن منهج أبي الوليد الباجي، بما له من مكانة علمية في المذهب المالكي، لم يُسلّط عليه الضوء الكافي في هذا الباب من خلال دراسة مستقلة تُبرز تصوراته الفقهية وتقريره الأصولي، خاصة في ضوء تعارض الأحكام، أو وقوع الخطأ، أو تعدي القاضي. ومن هنا تنبع إشكالية البحث في الحاجة إلى استقراء منهج الباجي في نقض الأحكام وضمانات القاضي، وبيان مدى تميّزه أو موافقته للمذهب، مع تحليل الأبعاد الفقهية والأصولية التي اعتمدها، ومدى قابليتها للتطبيق في الواقع القضائي الإسلامي، وقد هدف البحث إلى: بيان الأسس الفقهية والأصولية التي اعتمد عليها أبو الوليد الباجي في تأصيله لمسألتي نقض الحكم القضائي وضمان القاضي، وتحليل الشروط والضوابط التي نصّ عليها الباجي لنقض الأحكام القضائية، وبيان المعايير التي راعاها في ذلك، وتوضيح موقف الباجي من ضمان القاضي، ومدى اتفاقه أو مخالفته لمعتمد المذهب المالكي في هذا الباب، وكذلك إبراز البعد التطبيقي والاجتهادي في طرح الباجي، ومدى ارتباطه بواقع القضاء الأندلسي وظروفه العملية؛ معتمدا في ذلك على المناهج الاستقصائي والتحليلي والمقارن؛ للوصول إلى نتائجه التي من أهمها: أن أبا الوليد الباجي قد بيّن منهجًا دقيقًا في تمييز الأحكام القابلة للنقض من غيرها، مستندًا إلى أصول مذهبه المالكي وقواعده الفقهية، واعتمد الباجي على اجتهاد أصولي منضبط يجمع بين النصوص الشرعية والنظر المقاصدي في تحديد ضوابط نقض الحكم، كذلك أكّد الباجي على عدم إطلاق القول بنقض الأحكام، بل اشترط شروطًا محكمة تراعي العدالة واستقرار القضاء، وأظهر الباجي وعيًا قضائيًا متقدمًا في بيان مسؤولية القاضي وضمانه حال الخطأ أو التقصير، مع ربط ذلك بدرجة الاجتهاد والتقصير الظاهر، كما أنه قدّم تصورًا فقهيًا متماسكًا في إجراءات الطعن ونقض الحكم، مما يكشف عن نضج تنظيمي في فقه القضاء عنده، وتميز منهج الباجي عن غيره من فقهاء المالكية بالجمع بين المحافظة على أصول المذهب والانفتاح على الاجتهادات الملائمة للواقع القضائي في الأندلس، وقد تبيّن من خلال الدراسة أن الباجي راعى مقاصد الشريعة في ضمان القاضي، فلم يحمِه مطلقًا ولم يحمّله ما لا يطيق، بل بنى الضمان على قواعد العدل والكفاية.