تجديد الإمام النّوويّ في المذهب الشّافعيّ : كتاب "الصّلاة" نموذجاً

الملخص

خلّف الإمام الشّافعيّ -رحمه الله- ميراثًا فقهيًّا ضخمًا، ورثه عنه عدد من التّلاميذ المخلصين النّجباء، الّذين أخذوا عنه العلم، ورووا مصنّفاته، وساروا على طريقته في الاجتهاد والاستنباط، فأكثروا فيه التّصانيف، لكن رغم غزارة التّصنيف في المذهب الشّافعيّ على مرّ القرون، إلّا أنّ جلّ الكتب القديمة في المذهب لا يعتدّ بشيء منها، إلّا بعد البحث، والتّمحيص، والتّدقيق، حتّى يغلب على الظّنّ أنّه الرّاجح في المذهب الشّافعيّ.

   وقد اطّلعت على مآخذ أخذت على بعض كتب الشّافعيّة الّتي هي المعوّل في المذهب، ومؤلّفوها من أصحاب الإمام الشّافعيّ -رحمه الله- الّذين ناصروا مذهبه، وهذه المآخذ ذكرها بعض الفقهاء، والمحقّقين المعاصرين

من هذه المآخذ:

1- عدم بيان القول الصّحيح، أو الوجه الرّاجح، أو الطّريقة المعتمدة في المذهب الشّافعيّ.

2- في بعض الأحيان يرجّحون قولًا أو وجهًا، ويكون الواقع والرّاجح والصّحيح في المذهب الشّافعيّ عكسه تمامًا، ممّا يوقع القارئ والدّارس في الخطأ أو التّحيّر والارتباك.

3- يذكرون قولًا واحدًا، أو رأيًا واحدًا في المسألة، ويقتصرون على ذلك، ممّا يوهم أنّ هذا القول أو الرّأي هو الوحيد في المذهب الشّافعيّ، أو هو المعتمد والرّاجح في المذهب، ويكون الواقع خلافه، وأنّ في المسألة وجهين أو أكثر، وأنّ الرّاجح منهما غير مذكور نهائيًّا في الكتاب.

4- نسبة أقوال إلى الإمام الشّافعيّ لم تصحّ عنه، أو إهمال أقواله وأقوال الأصحاب المقرونة بالأدلّة، أو مخالفة المصطلحات المعتمدة في المذهب، كإطلاق قولين مكان وجهين أو العكس

فهذه مشاكل تلزمني أن أجيب عنها بالوقوف على كتب هؤلاء العلماء الجهابذة، وأقارن مانقلوه من الأقوال عن الإمام الشّافعيّ -رحمه الله- أو ما نقلوه من الأوجه أو الطّرق بما نُقل عن بقيّة الأصحاب، معتمدًا في ذلك على الكتب المعتمدة في المذهب، والمحقّقة له، والّتي أُطلق على أصحابها محقّقو المذهب، ومنقّحوه، والمعتمدون في التّرجيح كالإمام النّوويّ -رحمه الله- المتّفق على إمامته، والمعتمد في معرفة المنصوص والمنقول عن الإمام الشّافعيّ -رحمه الله– والأصحاب؛ وذلك لتحقيق الأهداف الآتية.