النصيحة ومقاصدها في الفكر الإسلامي والفكر الغربي : دراسة مقارنة

الملخص

إن ديننا الإسلامي قد حثنا على تحقيق الخلق الرفيع على المستوى الفردي وعلى المستوى المجتمعي، ومن ضمن الوسائل لتحقيق هذا الخلق على المستوى المجتمعي النصيحة، التي يختلف فيها النظام الإسلامي عن التقاليد الغربية المختلفة كل الاختلاف؛ حيث قام ديننا بالحث على واجب النصح وتقديمه بآدابه، وجعله لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وجعل هذا من أعمدة الدين بل جعله المصطفى -صلى الله عليه وسلم- العمود الأساسي والركن الأعظم في إقامة الدين، كما سيأتي معنا في الحديث الشريف، وهذا لسمو ديننا، أما في المجتمعات والتقاليد الغربية القائمة على نظريات مقطوعة عن السماء وتنتمي إلى التجارب البشرية الغير معصومة، فقد سادت أخلاقيات الانفرادية والانعزال عن المجتمع واهتمام كل شخص بنفسه، فقتلوا النصيحة وتقديمها بحجة عدم التدخل في شؤون الآخرين، وحاربوها باسم الحرية الشخصية.

وفي هذه الورقات حاول الباحث البحث عن المقاصد الشرعية من النصيحة بالرجوع إلى النصوص الشرعية فيها، ثم عمد إلى النظر في أسس الفكر الغربي ومرجعهم في هذا، وقارن بين المنهجين من أجل التوصل إلى مكمن الخلل في الثقافات الغربية، وقد اتبعت في هذا البحث المنهج التحليلي الاستقرائي الاستنباطي، من خلال استقراء النصوص الشرعية الواردة في النصيحة، واستنباط المقاصد الشرعية، ثم التحليل والاستنباط والمقارنة بين المنهجين لبيان عوار المنهج الغربي ومدى صلاحيته لنهضة المجتمعات الغربية في شتى الجوانب.

وقد توصل الباحث إلى عدة نتائج لعل من أهمها: أن الفكر الغربي القائم على الأسس المادية لم يجعل للنصيحة مكانًا في اعتباره، وأن حقيقة المقارنة بين المقاصد الشرعية للنصحية والنصيحة في الفكر الغربي هي مقارنة بين شيء ولا شيء، وأن الفكر الغربي قد قدَّس الحرية الفردية حتى طغت على النصيحة واعتبروا أن النصيحة تُعدُّ من التدخل في شؤون الغير.