الخيال في رحلة ابن بطوطة: مقاربة براغماتية جمالية
##plugins.themes.bootstrap3.article.main##
الملخص
حين تتّسع ملكة الإحساس والبصيرة والرّؤى, وتقع في النّفس خواطر, ويبلغ الانبهار أوجه, يلوذ خطاب الرّحلة لتوسيع قوى الخيال. وقد رأى علماء العرب القدماء أنّها قوّة من أعجب القوى المدركة, حيث يمكن للإنسان عن طريقها وفي ساعة واحدة أن يجول في المشرق والمغرب والسّهل والجبل وفضاء الأفلاك وسعة السّموات, ويتصوّر من الأشياء ما له حقيقة, وما لا حقيقة له, فيتخيّل بهذه القوّة طائرًا له أربع قوائم, أو فرسًا له جناحان, وما شاكل ذلك, ممّا يعمله المصوّرون من الصّور المنسوبة إلى الجنّ والشّياطين وعجائب البحر. لهذا الأمر ازداد احتلال عنصر الخيال على جانب لا يستهان به من أدب الرّحلات. فأدب الرّحلات لا يسعه البتّة أن يكون له وجود إلّا إذا أقام نوعًا من التّوازن بين الخيال والواقع.
وانطلاقًا من رحلة ابن بطوطة, تحاول هذه الورقة أن تؤسّس من جديد لخيال أدبي عربي, يهتم بقضايا الإنسان وشجونه, يدفع للتّفكير في نتائج هذا الخيال, ثم يتجاوز الواقع لاستشراف المستقبل, فالتّخييل ضرب من ضروب تعليم الجمهور والعامة. وذلك من خلال تسليط الضّوء على القوى الخياليّة لرحلة ابن بطوطة في القرن الرّابع عشر الميلادي, وكَشْف بُعدها الجمالي البراغماتي. حيث جعلت البراغماتيّة -وهو منهج الدّراسة- فَهْم المتلقّي مَرْجع القصْد, واعتدّت بالجانب التّأثيري له, واعْتَنت بتأويل ما يقصده المتكلّم من وراء أقواله التّخييليّة في مقام معيّن.
فخرجت الورقة بأنّ للقوى الخياليّة قدرة على إثارة أهواء المتلقّي والتّأثير على جوارحه وفي طرح أنوار من الأفكار تضيء له الطّريق, وفي إلهامه وحَفْز عقله على السّير في طرق جديدة, ودفعه إلى التّفكير في مستقبل البشريّة, كلّ ذلك من خلال تقديم نصّ قصصي مقنع ممتع مؤثّر.
الكلمات الدلاليّة: الخيال, الرّحلة, أدب, ابن بطوطة.