الأحاديث الضعيفة والموضوعة المتعلقة بفضائل الحج وأيامه من (السنن الأربعة) جمعًا ودراسة وأثرها على أداء المناسك
##plugins.themes.bootstrap3.article.main##
الملخص
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- عبده ورسوله.
أمّا بعد: فإنّ الله -سبحانه وتعالى- قد منّ على هذه الأمّة؛ إذ بعث فيها أفضل أنبيائه ورسله محمداً -صلى الله عليه وسلم-، وأنزل عليه كتابه العظيم القرآن الكريم، كما أوحى إليه السنّة المطهَّرة، فأكمل لهذه الأمّة دينها، وأتمّ عليها نعمته -سبحانه وتعالى-: ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين).([1])
فالقرآن وحيٌ من الله، وكذا السنّة وحيٌ من الله؛ قال تعالى: (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) ([2])
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَلاَ إِنيِ أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْله لَهُ مَعَه) ([3])، وفي روايةٍ للترمذي: (ألا هلْ عَسَى رجلٌ يبَلُغُهُ الحديثُ عنِّي، وَهو مُتَّكئُ على أرِيكَتِهِ، فيَقولُ: بيننا وبيْنكُمْ كتابُ الله، فمَا وَجَدنَا فِيهِ حَلالاً استَحللْناهُ، ومَا وَجَدْنا فِيهِ حَرامًا حرَّمْنَاهُ، وإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ الله كمَا حَرَّمَ الله) ([4]).
وقد تكفّل اللهُ بحفظ كتابه العزيز وسنة نبيىه الكريم -صلى الله عليه وسلم-، فقال سبحانه: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ([1])
ووكَّل سبحانه بالسنّة المطهَّرة المفسِّرة للقرآن طائفةً مجتباة؛ وفّقهم لطلبها ودراستها، وأعانهم على حفظها والذود عنها، فنفوا عنها خطأ الغافلين وافتراء الكاذبين، وميّزوا الصحيح من السقيم والغثَّ من السمين.
قيل لعبدالله بن المبارك([2]): هذه الأحاديث المصنوعة؟ قال: "يعيش لها الجهابذة" ([3]).
إن أئمة الحديث ونقُّاده قد قاموا ببيان حال الأحاديث صحة وضعفاً، ووضعوا قواعد وأصولًا تُعرف بها درجة الحديث، وألّفوا كتباً خاصة في ذلك، ككتب العلل، وكتب التخريج، وكتب الأحاديث المشتهرة، وكتب الموضوعات وغيرها، ومع ذلك فقد انصرف كثير من الناس -وبعضهم من أهل العلم- عن قراءة تلك الكتب ومعرفة تلك القواعد أدى إلى انتشار كثيرٍ من الأحاديث الضعيفة والموضوعة على ألسنتهم وفي مؤلفاتهم، وهذا أمرٌ خطير يُخشى على من لم يتنبه له أن يدخل في عموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من حدّث عنّي بحديث يرى أنّه كذب فهو أحد الكاذبين(([4]).
وغير خافٍ أنّ من أبرز الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة ما ينشأ عن التعبُّد بما جاء فيها -مخالفاً للسنّة الصحيحة- مِن البدع والمحدثات، ولا سيّما أنّ القائل بها أو المتعبىد بها قد يكون مِن أهل العلم الذين لم يقفوا على حال تلك الأحاديث، فيرتكبوا البدعة أو المخالفة، وهم لا يشعرون.
لذا فقد رأى الباحثان أن يجمعوا هذه الأحاديث الضعيفة والموضوعة المتعلقة بالبيت الحرام من (السنن الأربعة)؛ لما في ذلك من بيانٍ للممارسات الخاطئة التي يمارسها الحجاج، أو معتقدات بدعية، ومخالفات يرتكبونها من باب حسن الظن بالنصوص دون معرفة السقيم منها، وكذا للتحذير من آثارها ومغبة الوقوع فيها.
قال الشيخ الألباني([1]) -رحمه الله-: "إنّ مما يجب العلم به أنّ معرفة البدع التي أُدخلت في الدين أمرٌ هام([2]) جداً؛ لأنّه لا يتمُّ للمسلم التقرُّب إلى الله تعالى إلا باجتنابها، ولا يمكن ذلك إلا بمعرفة مفرداتها إذا كان لا يعرف قواعدها وأصولها، وإلا وقع في البدعة وهو لا يشعر.