التجارب المعاصرة لتطبيقات مصرف الغارمين في الزكاة (تجربة السودان نموذجًا)
##plugins.themes.bootstrap3.article.main##
الملخص
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله النبي الأمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد؛ ...
من الدعائم الأساسية التي يقوم عليها التشريع الإسلامي مبدأ التكافل؛ لأن الله تعالى اقتضت قدرته أن يكون هناك تفاوت بين أفراد المجتمع في أشياء كثيرة، ومنها الغنى والفقر.
ومن البديهيات أن الكمال لله والقصور من طبع البشر، والإنسان يحتاج لعون أخيه الإنسان مهما أوتي من نعم، ومن أبرز صور التكافل في المجتمع الإسلامي فرض الزكاة، والتي تعني أخذ جزء من الفائض من مال المسلم إذا بلغ حدًا معينًا وإعطائه لمسلم آخر يحتاجه لأمر مخصوص ومشروع.
ومن هذه الأمور المشروعة مسألة الغرم، إذا وجد الإنسان نفسه غارمًا بدين، ولم يتمكن من سداده؛ فقد جعل له الإسلام نصيبًا من مال الزكاة من مصرف الغارمين.
هناك اختلاف كبير بين الفقهاء والعلماء قديمًا وحديثًا حول مصرف الغارمين في تكييفه الشرعي، وفي الجُعل المخصص له، والتطبيقات الحديثة وجدت نفسها في مواجهة مع الأثر المترتب على هذه الاختلافات، فاجتهد الكل وأخذ بما يراه مناسبًا ويهدف هذا البحث الى دراسة تلك المشكلة من خلال المنهج الاستقرائي التحليلي، وهو مهم لمثل هذه الدراسات، ومن خلاله نصف ما عليه التطبيق، ثم يأتي التحليل على ضوء الآراء الفقهية.
وقد وقع اختياري على محور التطبيقات المعاصرة لمصرف الغارمين وآثرت أن أدرس تجربة السودان في هذا الجانب دراسة تحليلية نقدية باعتبار أن تجربة السودان في مجال الزكاة من التجارب الرائدة على مستوى العالم الإسلامي حيث طبقت الزكاة بطريقة سلطانية تولاها الدولة إدارة ودعوة وأخذا وصرفا منذ عام 1980م.
وقد توصل الباحث إلى نتائج أهمها:
أخذت تجربة الزكاة في السودان بتعريف الجمهور للغارم، فالغارم من كان غرمه لمصلحة نفسه أو مصلحة غيره (المجتمع)، ويعطى الغارم في تجربة السودان مبلغا" تقدره لجنة الغارمين وبناء على الميزانية المصدقة والنقدية الموجودة، وعبر عنه بالمساهمة، وهذا خلافًا لرأي الجمهور أن الغارم يعطى قدر حاجته، وذلك لمصالح يقدرها أولو الأمر.
وتوسعت تجربة السودان في مفهوم الغارم لنفسه، واعتبرت الديون الناتجة عن المعاملات التجارية من الغرم، واعتبرت الدين لبناء المساجد والجسور داخلًا في الغرم لمصلحة المجتمع.