العقل والنقل شبهات التعارض وحقيقة التلاقي بين مناهج متباينة
##plugins.themes.bootstrap3.article.main##
الملخص
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان عل النبي الأمين، أما بعد:
خلق الله تعالى الإنسان على الصورة الأتم، وخلقه في أحسن تقويم، وميزه على سائر الكائنات، وجعل العقل أهم خصيصة ينفرد بها على سائر الخلق من حوله، وقفت الاتجاهات والفرق الإسلامية من العقل مواقف متباينة، بين الإلغاء والتقديم على الشرع، والتوسط، وما بين هذه المناحي المختلفة تترتب تكاليف وتسقط أخرى في المجالين السابقين -أعني: التصور والسلوك- كما تؤلف كتب تبلغ بعضها أسفارًا، وتبلغ الأخرى أحمالًا في بيان حدود العقل.
إنها محاولة لعرض ما يلزم عنه تفعيل العقل عند حملة التدين في العصر الحاضر؛ حيث يخشى بعضهم من تعاظم هذه النبرة!! ظنا منهم أنهم ينتصرون للمشروع في مقابل المعقول، وبهذا يصير بعض المتدينين غرباء بين رفقاء العصر، علي حين أنه لو تأمل الشرع علم أن العقل بقطعياته لا يتعارض أبدا مع الشرعي بصحته وثبوته، وحينها يعيش بتدينه الصحيح المتوافق مع العقل الصريح في توازن أراده له المشرع جل وعلا.
يحاول الباحث من خلال هذا البحث أن يتناول طرفًا من النزال الذي كان ولا يزال في تراثنا العتيق، بل صداه وعمقه ما يزال في العصر الحديث، محاولًا أن يعرض باختصار لوجهات نظر الفرقاء في التعاطي مع العقل وصولا لنتائج العرض التي من أهمها: أن اليقين ركيزة أساسية في إيمان المرء لا يستعاض عنه بالتقليد، وأن الشرع والعقل وما ينتج عنهما من قطعيات لا تعارض بينها، فالشرع الصحيح لا يعارض العقل الصحيح، ومنا: أنه عند مظنة التعارض أو وقوعه فسبب ذلك إما في عدم صحة الدليل، أو عدم قطعية المعقول، أو خلل في فهم المتناول لهما.